الســـؤال:
مشكلتي بدأت قبل تسع سنوات عندما كان عمري 13 سنة، ألا وهي أنني سافرت خارج مدينتنا، ولما عدت أحسست بالكآبة والحزن، حتى لا أكاد أرى شيئا جميلا، وقد يصحب ذلك شيء من البكاء، وخاصة إذا كان ذلك في وقت الدراسة، ومن أسباب ذلك التفكير في الدراسة، وكذلك التفكير في الماضي، وهذا حالي بعد كل سفر، وخاصة عند عودتي من الإجازة، تستمر الحالة لمدة أسبوعين ثم تتوقف.
ومن الأحاسيس السيئة الشعور بالكآبة والغربة عند السفر خارج مدينتنا، استمر هذا الأمر حتى جاءت الجامعة فخف هذا الأمر، وأيضا القلق من المستقبل وحمل همه أكثر من اللازم، حتى جاءت آخر سنة من الجامعة، وفي آخر الفصل الأول وفي أول إختبار -وقد خوفوني منه كثيرا- أصابني القلق الشديد لمدة أسبوع، وكنت أنام بصعوبة، وبعد الإختبار هدأ الأمر.
في بداية الفصل الثاني -أي هذا الفصل- سافرت لأمور متعلقة بالزواج، وبعد عودتي أصابتني كآبة وهم شديد ولأول مرة، حتى وصل بي الحال أنني لا أستطيع أن أبتسم، وأصابني القلق والخوف من أدنى شيء، وأصبحت الأفكار السلبية لا تفارقني.
أصبحت حياتي جحيما لا يطاق، فكنت أصبر نفسي كل يوم حتى أنام، ومع الأيام أصبحت تخف وتشتد في اليوم عدة مرات.
ذهبت إلى طبيب نفسي، وكان تشخيصه أني مصاب بالقلق العام، فوصف لي دواء (فالدوكسان 25 جراما) حبة يوميا لمدة ثلاثة أسابيع، علما بأن المشكلة الأخيرة بدأت منذ شهرين، وهناك بعض الأحاسيس السيئة التي أعاني منها، ألخصها في نقاط:
- الأفكار السلبية حول الحياة الزوجية وعن المستقبل، وبنسيانها تستريح نفسي، ولكن النسيان صعب جدا.
- تقلب المزاج من أدنى شيء.
- أخاف إذا رأيت حادثا أو أشار إلي أحدهم.
- أحدث نفسي كثيرا وأحب الخلوة بها.
- تضخيم الأمور.
- جلد الذات.
- سرعة الانفعال.
- الأفكار الوسواسية المزعجة.
- ضيق الصدر وكأنني سأختنق وكذلك الصداع.
- الحساسية العالية وخاصة من فتنة النساء.
- الإحساس بالدونية عند الحديث مع الآخرين، وكذلك الإحساس بالغربة والوحشة والوحدة، رغم أني أعيش مع أهلي، وقد أشعر بالضياع، مع العلم أن حياتي كانت طبيعية قبل شهرين، حتى جاءت الحادثة الأخيرة، فكانت نقطة تحول في حياتي، حيث إن الأعراض لم تكن تؤرقني قبل هذه الحادثة.
لا أنكر وجود جوانب مشرقة في حياتي، وهي كثيرة جدا والحمد لله، فما الحل؟ وهل لذلك علاقة بكيمياء الدماغ؟ أرجو التفصيل.
الإجابــــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
لقد وصفت حالتك بصورة واضحة وممتازة، وأنا أقول لك أنك بالفعل مصاب بحالة من حالات القلق النفسي العام، مع وجود عسر في المزاج، كما أنه لديك أيضًا جوانب وسواسية في التفكير، وهذا جزء من القلق النفسي، فنستطيع أن نقول أنك تعاني من القلق الإكتئابي البسيط، والعلاج له ثلاثة محاور:
هنالك علاج جيد يتكون من محورين هامين، وهما:
1= العلاج الدوائي: هذه الحالات أُثبتت وبما لا يدع مجالاً للشك، أن كيمياء الدماغ يلعب دورًا أساسيًا كمسبب وكعامل استمراري للأعراض، لذا استعمال الدواء السليم وبالجرعة الصحيحة وللمدة المطلوبة، مع الالتزام بتناوله في وقته، تعتبر هي الركائز والدعائم الرئيسية لأن يؤدي الدواء وظيفته على أفضل وجه.
أنت الآن تتناول دواء فالدوكسان هو من الأدوية الجديدة نسبيًا، هذا الدواء تُشير الشركة المصنعة إلى أنه مفيد لعلاج الاكتئاب، وكذلك القلق النفسي، لكنه ربما لا يكون مفيدًا فيما يتعلق بعلاج الوساوس.
فالذي أنصحك به هو أن تستمر على هذا الدواء بنفس الطريقة التي نصحك بها الطبيب، وجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا هي الجرعة المعقولة، بعض الحالات تحتاج إلى خمسين مليجرامًا في اليوم، وهذه هي الجرعة القصوى.
الدواء دواء ممتاز وسليم جدًّا، من التحوطات المطلوبة بالنسبة لتناول هذا الدواء هو إجراء فحص لوظائف الكبد، لأنه في حالات قليلة جدًّا هذا الدواء قد يؤثر على أنزيمات الكبد، وهذا التأثير يعتبر تأثيرًا محمودًا.
2= تغيير السلوكي الإجتماعي: من خلال التفكير الإيجابي، وأن يكون نمط الحياة فعالاً، وأن يدير الإنسان وقته بصورة طيبة، وأن يحاول دائمًا أن يطور ذاته من خلال المعرفة، التمسك بالدين لا شك أنه داعم نفسي قوي، الخِلة الطيبة والرفقة الحسنة أيضًا تمثل داعما نفسيا أساسيا، كما أن بر الوالدين والعمل على التطوير المهني أو الأكاديمي نعتبرها أيضًا متطلبات مهمة ومشرقة في حياة الناس من أجل التعافي النفسي.
إذن الرزمة العلاجية بالنسبة لك واضحة -إن شاء الله تعالى- وأتمنى لك التوفيق والسداد.
الكاتب: د. محمد عبد العليم.
المصدر: موقع إسلام ويب.